نُظّم مؤتمر الفجيرة السنوي للخط والزخرفة في الفترة من 18 إلى 20 أكتوبر 2025، برعاية كريمة من صاحب السموّ الشيخ محمد بن حمد الشرقي، وباستضافة مدرسة الخط والزخرفة. أقيم المؤتمر في فندق DoubleTree by Hilton، واستمر على مدى ثلاثة أيام تضمنت فعاليات متنوعة ومناقشات ثرية. تميّز حفل الافتتاح بحضور الشيخ راشد بن حمد الشرقي والدكتور أحمد حمدان الزيوضي، مما أضاف بُعدًا رسميًّا وثقافيًّا متميّزًا لهذا الاحتفال الفني العالمي.
يُعدّ هذا المؤتمر حدثًا دوليًا رائدًا من نوعه في إمارة الفجيرة، إذ افتُتح بتقديم الفنان الإماراتي والمذيع المعروف سعود الكعبي، الذي ألقى كلمة ألهبت حماس الحضور. وقد رحّبت المدير العام للسوكو، إسراء الهمل، بالحضور بإشادة بإنجاز هذا اللقاء الذي جمع مشاركين من حول العالم لتبادل الخبرات والمعرفة، مما يفتح الباب لحوار فنيّ عميق ومثمر.
يتماشى المؤتمر مع رسالة مدرسة الخط والزخرفة في استعادة الفن الإسلامي والتأكيد على أهميته في المشهد الفنيّة المعاصر. عبر اللقاءات وورش العمل، سلط المؤتمر الضوء على الإرث الثقافي والفنون الإسلامية الأصيلة، وقد شَجّع النهج المُبتكر والتعاون بين الفنانين، مع ضمان استمرارية هذا الإرث بروح جديدة ومُلهمة.
شارك في المؤتمر نخبة من المتحدثين والباحثين من أكثر من 20 دولة، من مؤسسات أكاديمية مرموقة مثل: جامعة كامبريدج، جامعة كيب تاون، جامعة دوكوز إيلول (تركية)، وغيرها، مما أكسب الفعالية طابعًا دوليًا راقيًا.
وقد أضفى هؤلاء الضيوف المميزون قيمة معرفية كبيرة على المؤتمر من خلال محاضرات وورش عمل ثرية، عكست التقدير العالمي لفن الخط والزخرفة، وقدمت تقنيات ورؤى متنوعة تعكس غنى وتعددية الفن الإسلامي.
لم يسلط تنوع المتحدثين الضوء فقط على أهمية التعاون الدولي، بل ساهم في تعزيز تبادل حيوي للأفكار تجاوز الحواجز الثقافية. من خلال المحاضرات والعروض التوضيحية والجلسات التفاعلية، تم تشجيع المشاركين على استكشاف مناهج جديدة وابتكارات في ممارساتهم الفنية. هذا الجو التعاوني لم يقتصر على الاحتفاء بالتقنيات التقليدية، بل ألهم أيضًا الجيل القادم من الفنانين لدمج هذه التواريخ الغنية في الفن المعاصر، مما يضمن تطور هذا التراث الثقافي الحيوي.
من أبرز المحاضرين:
- الأستاذ الدكتور نصار منصور
استعرض مدارس الخط العربي وتحديات تصنيف أنماطها بالرغم من قواعدها المشتركة، ومن ثم طرح اتجاهات حديثة في الخط العربي ترتبط بالفكر والفلسفة. - البروفيسورة فيليز أديغوزيل
تناولت دمج التصاميم المصغرة التقليدية مع الفن المعاصر، مستعرضة تجارب ناجحة لفنانين حافظوا على الأصالة مع مزجها بلمسات عصرية. - الدكتور عمر قسيم كاهيا
قدّم سيرته لأجداده الخطاطين، من بينها “جدي الخطاط محمد شوقي”، وكيف نشره بحرص كمصدر قيم لتاريخ حفيد يستعيد حكاية فنية. - الدكتورة أمنية عبد البار
حلّلت نصوص الخط العربي في “بيت الزرّار” بالقاهرة، انطلاقًا من دراسةٍ للخطوط والزخارف والنصوص القرآنية المستخدمة في المعمار. - ياسمين فجيهي
ناقشت تطور المخطوطات عبر العصور، وأساليب البحث المتخصص في المخطوطات الرقمية في العصر الحديث. - الدكتورة سوزانا مولينس ليتراث
استعرضت زخارف المخطوطات في غرب إفريقيا، ودرست نموذجية فنها. - الدكتور ممدوح صقر
ألقى محاضرة حول التصاميم المعمارية للمساجد في دلتا النيل، وبيّن أوجه التشابه والاختلاف بينها وبين مساجد القاهرة. - السيدة نوريا غارسيا
درست نشأة اللوحة الخطية، والمعايير التي تُحدد متى يُعد العمل “لوحة” في فن الخط. - د. سارة شودري
قارنت الأنماط الهندسية الدائرية في العمارة والمخطوطات الإسلامية، وتصمّمت أعمالًا جديدة مستوحاة منها. - الأستاذ الدكتور بابلو روزا كانداس
بحث الخط العربي في التراث الإسباني بين المسلمين في إسبانيا. - الأستاذ الدكتور أفتانديل إركينوف
عرّف بالخطاطين الذين نسخوا المخطوطات التركية في آسيا الوسطى، خاصة أعمال الشيخ علي نوراوي، وناقش تطوراتها. - الدكتور محمد حسن
قدّم قراءة المعاصرة للخط العربي، مؤكّدًا قيمه الجمالية والإسلامية وأثر التكنولوجيا المعاصرة على تقديره. - السيدة علياء رافيا
عرضت كيف دمجت “دار الفن” الخط العربي ضمن الفضاء المعاصر لإيصال جمالياته لجمهور أوسع.
ساهم هذا المؤتمر في رفع مستوى الحوار الفني والثقافي، وشجّع المشاركين على تبنّي تقنيات فنية حديثة ترتبط بالتراث الإسلامي. كما أعطى دفعة قوية للشباب المحبّ للخط والفنون الزخرفية للابتكار ضمن إطار ثقافي راسخ.
إجمالًا، شكّل مؤتمر الفجيرة للخط والزخرفة 2025 منصة فعّالة لتبادل المعرفة وتعميق التبادل الفني بين الثقافات، مؤكدًا التزام المؤسسة بفن الخط العربي والحرف الإسلامية كلغة إبداعية حية تنبض بالهوية والحداثة