في أجواء ثقافية وفنية استثنائية، نظّمت مدرسة الخط والزخرفة بالفجيرة حفل تكريم الفائزين في النسخة الرابعة من مسابقة الفجيرة الدولية للخط والزخرفة، برعاية كريمة وتشريفٍ من سمو ولي عهد الفجيرة الشيخ محمد بن حمد الشرقي، في مبادرة فنية تؤكد مكانة الفجيرة كحاضنة للإبداع ومركزٍ للحوار الثقافي والفني. وقد تشرّف الحفل بحضور سموه، حيث تفضّل بتكريم الفائزين من مختلف الفئات، في مشهدٍ يجسّد دعمه المتواصل للفنون والطاقات الإبداعية، وحرصه على تعزيز حضور الفنون الإسلامية على المستويين المحلي والدولي.
وشهدت فعاليات التكريم فقرة فنية مميزة قدّمتها دارة الشعر، تناولت سيرة وإبداع الشاعر والفيلسوف عمر الخيام، ضمن البرنامج الثقافي المصاحب للمسابقة، مضيفة بُعدًا أدبيًا عميقًا وجمالًا خاصًا لبداية الفعاليات، ومؤكدة تكامل الفنون بين الكلمة واللون والحرف. كما قام سمو ولي عهد الفجيرة بجولة في المعرض المصاحب، اطّلع خلالها على الأعمال الفائزة وما حملته من تجارب فنية متميزة في مجالات الخط والزخرفة والمنمنمات، عكست تنوّع المدارس الفنية وثراء الرؤى الإبداعية ومستوى الاحترافية العالية للمشاركين.
هذا العام، وصلت المسابقة إلى آفاق جديدة مع مشاركة عالمية تجاوزت 500 فنان وفنانة من 30 دولة، من بينها 16 دولة عربية، إلى جانب مشاركة إماراتية مشرّفة تؤكد تطوّر الحركة الفنية في الدولة والدعم المستمر للمواهب المحلية. وأشرفت لجنة تحكيم دولية من نخبة الخطاطين والمزخرفين على تقييم الأعمال وفق معايير دقيقة تجمع بين الأصالة والإبداع والمهارة التقنية، لاختيار أعمال تحمل رؤية معاصرة وتضيف قيمة حقيقية للمشهد الفني العالمي.
وجاءت دورة هذا العام مستوحاة من رباعيات عمر الخيام، حيث استلهمت أعمال الخط روح النصوص الشعرية، فيما استمدّت فئات الزخرفة والمنمنمات عناصرها البصرية من جماليات هذه الرباعيات، لتخرج أعمال فنية تمزج الشعر باللون والروح بالتكوين، وتعكس حوارًا بصريًا غنيًا بين الأدب والفن.
وفي اليوم التالي لحفل توزيع الجوائز، نُظّمت جلسات حوارية فنية وثقافية مصاحبة للمسابقة، بحضور نخبة من الفنانين والخطاطين والمهتمين بالفنون الإسلامية، شكّلت منصة معرفية لتبادل الخبرات ومناقشة قضايا فنية متخصصة. وتناولت الجلسات محاور متعددة شملت جماليات الخط العربي بين التراث والمعاصرة، وفن التذهيب والزخرفة وتقنياته المعاصرة، ومدارس فن المنمنمات بين الاختلاف والتلاقي، وفن النستعليق وسياه مشق «المشق الأسود»، إلى جانب جلسة تفاعلية بعنوان «يلا نحكي خط».
وأسهمت هذه الجلسات في تعميق الحوار الفني وإثراء التجربة الثقافية للمشاركين، بما يعزّز الفهم المعاصر للفنون الإسلامية مع الحفاظ على أصالتها. ومن خلال هذه المبادرات، تواصل مدرسة الخط والزخرفة بالفجيرة رسالتها في تمكين جيل جديد من الفنانين، وإحياء جماليات المخطوط العربي، وتعزيز دوره في حفظ الإرث الفني الإسلامي.
ومع اتساع نطاق المشاركة عامًا بعد عام، تترسّخ مسابقة الفجيرة الدولية للخط والزخرفة كأحد أبرز الفعاليات الفنية المتخصصة على المستوى الدولي، ومنصة ثقافية تجمع بين الأصالة والابتكار، وتسهم في إبراز الفنون الإسلامية ضمن المشهد الثقافي العالمي.